ليس في كل المواطن يصلح أن تكتب النوتات، ولا أن يعظ الواعظون بعظات، ولا أن يتندر المتندرون بحكايات، فهناك سطور الصمت فيها أبلغ من الكلمات، وما عليك فيها إلا أن تنظر (أن تنظر فقط) وتمتع عينيك بأجمل اللحظات.
ما دوما يكون في العزف نشاز، فكل الآلات تتناغم مع ايقاع فريد، تنساب الألحان للآذان كأنها بلسم لذيذ، لكن في (السحر الفريد) لا يحتاج العزف إلى ماسترو يقود العزف ولا حتى لعازفين، لأنه في السحر الفريد النوتة تتجدد كل ثانية، والجميل أنها مع كل تجدد تحمل لحنا مختلفا بطابعه وطبعه، فتارة يكون اللحن مناغاة وتارة يكون مداعبة وتارة يكون احتضانا وتارة يكون غناء جميل.
في (السحر الفريد) لا نحتاج إلى من يفحص الموهبة، حيث أنه لا قواعد في الأداء، فالصوت مقبول على كل أحواله، واختيار الكلمات محصور فقط برأي الموهبة،
والمتلقي لا يهمه نوع الكلمة ولا كيف ستؤدى، المهم أنه يحب لاستماع إليها، تسره مع أنه لا يفهمها، يرى فيها تهدئة لنفسه وراحة لباله وسرورا لوجدانه، ينام على ايقاعها ويستيقظ على وقعها.
إنه (السحر الفريد) أيتها السيدات والسادة، العلاقة الغامضة بين الأم وابنها، وهو في بطنها رضيع تحاكيه ويحاكيها، تعلم متى يكون سعيدا ومتى يكون غير سعيد، تقلق عليه إن سكنت حركاته فتضرب بطنها حتى توقظه، تسعدها تقلباته حتى لو آلمها، تأخذ لأجله ما تهوى وما لا تهوى من الأدوية والأطعمة حتى يبرئ ويتغذى، تراجع لأجله في العيادات وتقف بالساعات، تقيس ضغطه ونسبة دمه وتراقب نموه بالملم والسنتيمترات، تنام واقفة إذا تلوى وزاد ثقله على أوصالها تهتم لراحته حتى لو كان ليلها طويل ساعاته غير الساعات.
(المرأة وطفلها) شهد فريد لا تحاول وصفه فهو العزيز الذي لا يوصف، كأنه السهل الممتنع الذي يحير العقول ويدهش القلوب ويطرب الأذهان ويمتع الألباب، في صغره وبعد كبره تناله الدعوات، لا تغضب المرأة من وليدها أبدا أبدا فهو العصب الحساس والجمال الذي لا يقاس، تتحسس أصابعه عندما يولد تعدها واحدا تلو واحد، وتتحسس أخباره إذا شب تسأل عن أحواله تترضى عليه طلبا لرضوان واحد أحد، سحر الآيات في وصف المشهد لا يفسر » حملته أمه وهنا على وهن وفصاله عامين أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير ».
فهل بقي لنا بعد هذا الوصف كلام يحكى أو جمل تروى أوسطور تتلى (يا سادات ويا سادة)؟.
إرشاد نفسي وتربوي